كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: لَا طَوَافَ وَسَجْدَةَ تِلَاوَةٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ عِبَارَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ لَيْسَ كَالصَّلَاةِ هُنَا وَيُمْنَعُ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَشَمِلَهُ كَلَامُهُمْ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ صَلَاةً وَإِنَّمَا هُوَ مُلْحَقٌ بِهَا. اهـ.
وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الطَّوَافِ وَالسَّجْدَةِ وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِامْتِنَاعِ سَجْدَتَيْ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ سم.
(قَوْلُهُ: أَخْذًا إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَحْرُمْ الطَّوَافُ وَالسَّجْدَةُ أَخْذًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ وَقَدْ جَزَمَ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ: كِتَابَةُ الْحَفَائِظِ) جَمْعُ حَفِيظَةٍ وَهِيَ الرُّقْيَةُ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَتَبَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ أَوْرَاقًا يُسَمُّونَهَا حَفَائِظَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: آخِرَ جُمُعَةٍ إلَخْ) أَيْ حَالَ الْخُطْبَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْقَمُولِيُّ) كَابْنِ النَّحَّاسِ وَغَيْرِهِ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ اللَّفْظِ الْمَجْهُولِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ تَفْوِيتِ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَكِتَابَةُ مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ وَقَدْ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَزَمَ إلَخْ) فِي آخِرِ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةٌ، هَذِهِ الطَّلْسَمَاتِ الَّتِي تُكْتَبُ لِلْمَنَافِعِ مَجْهُولَةُ الْمَعْنَى هَلْ تَحِلُّ كِتَابَتُهَا الْجَوَابُ تُكْرَهُ وَلَا تَحْرُمُ انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا تُعْرَفُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْأَعْجَمِيَّةِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ عسلهون.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ التَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ الزَّعْمُ الْمَذْكُورُ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوهٍ إلَخْ) مِنْهَا إسْقَاطُ الْقَضَاءِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَذَاهِبِ كُلِّهَا كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَرْكَهُ) إلَى قَوْلِهِ بِمَا لَا تَعَلُّقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بَيْنَ أَرْكَانِهَا وَبَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا) أَيْ فَلَا يُطِيلُ الْفَصْلَ بَيْنَ رُكْنَيْنِ مِنْ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَخِيرِ مِنْ الْأُولَى وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا) أَيْ فَلَا يُطِيلُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ و(قَوْلُهُ: وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ) أَيْ فَلَا يُطِيلُ الْفَصْلَ بَيْنَ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ سم.
(قَوْلُهُ: طَوِيلًا عُرْفًا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ رَكْعَتَيْنِ بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ وَمَا دُونَهُ لَا يُخِلُّ بِالْمُوَالَاةِ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ.
(قَوْلُهُ: بِمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ إلَخْ) هَلْ هُوَ مُخْرِجٌ لِنَحْوِ الدُّعَاءِ لِلْوُلَاةِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَعَلُّقًا مَا بِمَا فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي وَالْأَذْرَعِيِّ وَأَقَرَّهُمَا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِي أَقْرَبُ وَالْمُرَادُ بِمَا لَهُ تَعَلُّقٌ إلَخْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِأَرْكَانِهِمَا كَالْبَسْطِ وَالْإِطَالَةِ فِي أَحَدِهَا بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ إطْلَاقُ الْقَطْعِ وَظَاهِرُ صَنِيعِهِ اخْتِيَارُ الْأَوَّلِ أَيْ التَّفْصِيلِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَيْضًا فَقَالَ وَلَا يَقْطَعُ الْمُوَالَاةَ الْوَعْظُ، وَإِنْ طَالَ وَكَذَا قِرَاءَةٌ، وَإِنْ طَالَتْ حَيْثُ تَضَمَّنَتْ وَعْظًا خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ الْقَطْعَ بِهَا فَإِنَّهُ غَفْلَةٌ إلَخْ. اهـ. لَكِنَّ مَفْهُومَ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ بِمَا لَا تَعَلُّقَ لَهُ إلَخْ وَصَرِيحُ مَا مَرَّ هُنَاكَ عَنْ السَّيِّدِ الْبَصْرِيِّ أَنْ لَا تَضُرَّ إطَالَةُ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ تَتَضَمَّنْ وَعْظًا.
(قَوْلُهُ: بِأَقَلِّ مُجْزِئٍ) أَيْ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ عَلَى الْعَادَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الضَّبْطُ بِهَذَا إلَخْ) أَيْ ضَبْطُ الْمُوَالَاةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْفَصْلُ قَدْرَ رَكْعَتَيْنِ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ ع ش وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ ضَبْطُ مُخِلِّهَا بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِعُمُومِ هَذَا) أَيْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَظْهَرُ إلَخْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا قَرَّرْته) بَيَانٌ لِلْعُمُومِ لَا صِلَةٌ لَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمُرَادُ بِمَا قَرَّرَهُ قَوْلُهُ: بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا وَبَيْنَهُمَا، وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ هَذَا مَا يَظْهَرُ فِي حَلِّ كَلَامِهِ وَهُوَ بَعْدُ مَحَلُّ نَظَرٍ لِأَنَّهُ سَبَقَ بَيَانُ الِانْفِضَاضِ فِيهَا وَهُوَ مَا يَلِيهِ صَادِقٌ بِالِانْفِضَاضِ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ أَرْكَانِهَا مَعَ مَا يَلِيهِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ وَبَيْنَهُمَا وَسَبَقَ بَيَانُهُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ بَصْرِيٌّ زَادَ سم عَقِبَ مِثْلِهِ.
نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا مَرَّ لَا يُفِيدُ الْمُوَالَاةَ فِي غَيْرِ الِانْفِضَاضِ وَجَازَ أَنْ تُعْتَبَرَ فِي الِانْفِضَاضِ دُونَ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذَا. اهـ. عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَذَكَرَ هَذَا هُنَا بَعْدَمَا تَقَدَّمَ لِعُمُومِهِ دَفْعًا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ ذَاكَ خَاصٌّ بِحَالِ الِانْفِضَاضِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَوْلُ جَمْعٍ إلَخْ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي.
(وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ، فَإِنْ سَبَقَهُ تَطَهُّرٌ وَاسْتَأْنَفُوا إنْ قَرُبَ الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تُشْبِهُ الصَّلَاةَ أَوْ نَائِبَةً عَنْهَا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ عَدَمِ الْبِنَاءِ هُنَا وَجَوَازِهِ فِيمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ سَمِعَ مَا مَضَى بِأَنَّ فِي بِنَاءِ الْخَطِيبِ تَكْمِيلًا عَلَى مَا فَسَدَ بِحَدَثِهِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَلَا كَذَلِكَ فِي بِنَاءِ غَيْرِهِ لِأَنَّ سَمَاعَهُ لِمَا مَضَى مِنْ الْخُطْبَةِ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَلَمْ يَعْرِضْ لَهُ مَا يُبْطِلُهُ فَجَازَ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ لَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يَبْنِي غَيْرُهُ عَلَى فِعْلِهِ وَهُوَ نَفْسُهُ لَا يَبْنِي عَلَيْهِ (وَالْخَبَثِ) الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ فِي الْمُصَلِّي.
(وَالسَّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إنَّهَا لَيْسَتْ بَدَلًا عَنْ رَكْعَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَقِبَ الْخُطْبَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ مَسْتُورٌ (وَتُسَنُّ) الْخُطْبَةُ (عَلَى مِنْبَرٍ)، وَلَوْ فِي مَكَّةَ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَخْطُبُ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ وَخُطْبَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَابِهَا بَعْدَ الْفَتْحِ إنَّمَا هُوَ لِتَعَذُّرِ مِنْبَرٍ ثَمَّ حِينَئِذٍ، وَلِهَذَا لَمَّا أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَمَا أَجْمَعُوا عَلَى أَذَانِ الْجُمُعَةِ الْأَوَّلِ لَمَّا أَحْدَثَهُ هُوَ أَوْ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَيُسَنُّ وَضْعُهُ عَلَى يَمِينِ الْمِحْرَابِ أَيْ الْمُصَلَّى فِيهِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا قَابَلَتْهُ يَسَارُك يَمِينُهُ وَعَكْسُهُ وَمِنْ ثَمَّ عَبَّرَ جَمْعٌ بِيَسَارِ الْمِحْرَابِ وَكَانَ الصَّوَابُ أَنَّ الطَّائِفَ بِالْكَعْبَةِ مُبْتَدِئٌ مِنْ يَمِينِهَا لَا يَسَارِهَا، وَمِنْبَرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ثَلَاثَ دُرَجٍ غَيْرِ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُسْتَرَاحِ وَيُسَنُّ الْوُقُوفُ عَلَى الَّتِي تَلِيهَا لِلِاتِّبَاعِ نَعَمْ إنْ طَالَ وَقْفٌ عَلَى السَّابِعَةِ وَبَحَثَ أَنَّ مَا اُعْتِيدَ الْآنَ مِنْ النُّزُولِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ إلَى دَرَجَةٍ سُفْلَى، ثُمَّ الْعَوْدُ بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ شَنِيعَةٌ (أَوْ) مَحَلٍّ (مُرْتَفِعٍ) إنْ فُقِدَ الْمِنْبَرُ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ فَإِنْ فُقِدَ اسْتَنَدَ لِنَحْوِ خَشَبَةٍ (وَيُسَلِّمُ) نَدْبًا إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ (عَلَى مَنْ عِنْدَ الْمِنْبَرِ) إذَا انْتَهَى إلَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّهُ يُرِيدُ مُفَارَقَتَهُمْ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَتْ الصُّفُوفُ بَيْنَ الْبَابِ وَالْمِنْبَرِ لَا يُسَلِّمُ إلَّا عَلَى الصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ وَالصَّفِّ الَّذِي عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ السَّلَامُ عَلَى كُلِّ صَفٍّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ وَلَعَلَّ اقْتِصَارَهُمْ عَلَى ذَيْنِك لِأَنَّهُمَا آكَدُ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ صَرَّحَ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَمَرَّ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ لِلِاتِّبَاعِ، وَإِنْ قَالَ كَثِيرُونَ بِنَدْبِهَا لَهُ فَإِذَا صَعِدَ سَلَّمَ ثَالِثًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَدْبَرَهُمْ فِي صُعُودِهِ فَكَأَنَّهُ فَارَقَهُمْ (وَأَنْ يُقْبِلَ عَلَيْهِمْ) بِوَجْهِهِ كَهُمْ؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِأَدَبِ الْخِطَابِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَوَجُّهِهِمْ لِلْقِبْلَةِ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ لِقَبُولِ الْوَعْظِ وَتَأْثِيرِهِ وَمِنْ ثَمَّ كُرِهَ خِلَافُهُ نَعَمْ يَظْهَرُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي اسْتِقْبَالِهِمْ لِنَحْوِ ظَهْرِهِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ لِذَلِكَ فِيهِ غَالِبًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الِاسْتِدَارَةِ الْمَنْدُوبَةِ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ إذْ أَمْرُ الْكُلِّ بِالْجُلُوسِ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، ثُمَّ بِالِاسْتِدَارَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ فِي غَايَةِ الْعُسْرِ وَالْمَشَقَّةِ (إذَا صَعِدَ) الدَّرَجَةَ الَّتِي تَلِي مَجْلِسَهُ وَتُسَمَّى الْمُسْتَرَاحَ (وَيُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ) كَمَا مَرَّ لِلِاتِّبَاعِ وَفِي الْمَرَّاتِ الْمَذْكُورَةِ يَلْزَمُهُمْ عَلَى الْكِفَايَةِ الرَّدُّ (وَيَجْلِسُ، ثُمَّ) هِيَ بِمَعْنَى الْفَاءِ الَّتِي أَفَادَتْهَا عِبَارَةُ أَصْلِهِ (يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْهِ) وَالْأَوْلَى اتِّحَادُ الْمُؤَذِّنِ لِلِاتِّبَاعِ إلَّا لِعُذْرٍ وَبِفَرَاغِ الْأَذَانِ أَيْ وَمَا يُسَنُّ بَعْدَهُ مِنْ الذِّكْرِ يُشْرَعُ فِي الْخُطْبَةِ وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الْمَنَارَةِ فَأَحْدَثَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيلَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الِاتِّبَاعِ أَفْضَلَ أَيْ إلَّا لِحَاجَةٍ كَأَنْ تَوَقَّفَ حُضُورُهُمْ عَلَى مَا بِالْمُنَاثَرِ.
تَنْبِيهٌ:
كَلَامُهُمْ هَذَا وَغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ اتِّخَاذَ مُرَقٍّ لِلْخَطِيبِ يَقْرَأُ الْآيَةَ وَالْخَبَرَ الْمَشْهُورَيْنِ بِدْعَةٌ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَدَثَ بَعْدَ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ قِيلَ لَكِنَّهَا حَسَنَةٌ لِحَثِّ الْآيَةِ عَلَى مَا يُنْدَبُ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنْ إكْثَارِ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاسِيَّمَا فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلِحَثِّ الْخَبَرِ عَلَى تَأَكُّدِ الْإِنْصَاتِ الْمُفَوِّتِ تَرْكُهُ لِفَضْلِ الْجُمُعَةِ بَلْ مُوقِعٌ فِي الْإِثْمِ عِنْدَ كَثِيرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ. اهـ.
وَأَقُولُ يُسْتَدَلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ مَنْ يَسْتَنْصِتُ لَهُ النَّاسَ عِنْدَ إرَادَتِهِ خُطْبَةَ مِنًى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْخَطِيبِ أَمْرُ غَيْرِهِ بِأَنْ يَسْتَنْصِتَ لَهُ النَّاسَ وَهَذَا هُوَ شَأْنُ الْمُرَقِّي فَلَمْ يَدْخُلْ ذِكْرُهُ لِلْخَبَرِ فِي حَيِّزِ الْبِدْعَةِ أَصْلًا فَإِنْ قُلْت لِمَ أَمَرَ بِذَلِكَ فِي مِنًى دُونَ الْمَدِينَةِ قُلْت لِاجْتِمَاعِ أَخْلَاطِ النَّاسِ وَجُفَاتِهِمْ، ثُمَّ فَاحْتَاجُوا لِمُنَبِّهٍ بِخِلَافِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَبِّهُهُمْ بِقِرَاءَتِهِ ذَلِكَ الْخَبَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي خُطْبَتِهِ (وَأَنْ تَكُونَ) الْخُطْبَةُ (بَلِيغَةً) أَيْ فِي غَايَةٍ مِنْ الْفَصَاحَةِ وَرَصَانَةِ السَّبْكِ وَجَزَالَةِ اللَّفْظِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ أَوْقَعُ فِي الْقَلْبِ بِخِلَافِ الْمُبْتَذَلَةِ الرَّكِيكَةِ كَالْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَأْلُوفَةِ أَيْ فِي كَلَامِ الْعَوَامّ وَنَحْوِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ نَدْبِ الْبَلَاغَةِ فِيهَا حُسْنُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ الْخُطَبَاءِ مِنْ تَضْمِينِهَا آيَاتٍ وَأَحَادِيثَ مُنَاسِبَةً لِمَا هُوَ فِيهِ إذْ الْحَقُّ أَنَّ تَضْمِينَ ذَلِكَ وَالِاقْتِبَاسَ مِنْهُ وَلَوْ فِي شِعْرٍ جَائِزٌ، وَإِنْ غَيَّرَ نَظْمَهُ وَمِنْ ثَمَّ اقْتَضَى كَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِي أَنْ يُرَادَ بِالْقُرْآنِ غَيْرُهُ كَـ: {اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ} لِمُسْتَأْذِنٍ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي نَحْوِ مُجُونٍ حَرُمَ بَلْ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْكُفْرِ وَمِنْ ذِكْرِ مَا يُنَاسِبُ الزَّمَنَ وَالْأَحْوَالَ الْعَارِضَةَ فِيهِ فِي خُطَبِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ وَلِأَنَّ مِنْ لَازِمِ رِعَايَةِ الْبَلَاغَةِ رِعَايَةُ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَالِ فِي سَوْقِ مَا يُطَابِقُهُ (مَفْهُومَةٌ) أَيْ قَرِيبَةُ الْفَهْمِ لِأَكْثَرِ الْحَاضِرِينَ لِأَنَّ الْغَرِيبَ الْوَحْشِيَّ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَتُكْرَهُ الْكَلِمَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ أَيْ بَيْنَ مَعَانٍ عَلَى السَّوَاءِ وَالْبَعِيدَةِ عَنْ الْأَفْهَامِ وَمَا تُنْكِرُهُ عُقُولُ بَعْضِ الْحَاضِرِينَ. اهـ.
وَقَدْ يَحْرُمُ الْأَخِيرُ إنْ أَوْقَعَ فِي مَحْظُورٍ (قَصِيرَةٌ) يَعْنِي مُتَوَسِّطَةً فَلَا يُنَافِي نَدْبَ قِرَاءَةِ ق فِي أَوَّلِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّوِيلَةَ تُمَلُّ وَتُضْجَرُ وَلِلْأَمْرِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ بِقَصْرِهَا وَتَطْوِيلِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ إنَّ ذَلِكَ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ فَهِيَ قَصِيرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَوَسِّطَةً فِي نَفْسِهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمَتْنِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ (وَلَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَ) لَا (شِمَالًا) وَلَا خَلْفًا (فِي شَيْءٍ مِنْهَا)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ وَيُكْرَهُ دَقُّ الدَّرَجِ فِي صُعُودِهِ وَإِفْتَاءُ الْغَزَالِيِّ بِنَدْبِهِ تَنْبِيهًا لِلنَّاسِ ضَعِيفٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ تَأْيِيدٌ لِمَا مَرَّ مِنْ نَدْبِ الْمَرْقَى وَالدُّعَاءِ قَبْلَ الْجُلُوسِ وَسَاعَةِ الْإِجَابَةِ إنَّمَا هِيَ مِنْ جُلُوسِهِ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ نَحْوِ خَمْسِينَ قَوْلًا فِيهَا وَذِكْرُ شِعْرٍ فِيهَا وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ كَثِيرًا مَا يَقُولُ فِيهَا خَفِّضْ عَلَيْك فَإِنَّ الْأُمُورَ بِكَفِّ الْإِلَهِ مَقَادِيرُهَا فَلَيْسَ بِآتِيك مَنْهِيُّهَا وَلَا قَاصِرٌ عَنْك مَأْمُورُهَا، وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا بِتَسْلِيمِ صِحَّتِهِ عَنْهُ رَأْيٌ لَهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَسُكُوتُهُمْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتَسَامَحُونَ فِي ذَلِكَ (وَأَنْ يَعْتَمِدَ) فِي حَالِ خُطْبَتِهِ (عَلَى سَيْفٍ أَوْ عَصًا) وَنَحْوِهِ كَالْقَوْسِ لِلِاتِّبَاعِ وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ وَيَقْبِضُ ذَلِكَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى لِأَنَّهُ الْعَادَةُ فِي مُرِيدِ الضَّرْبِ وَالرَّمْيِ وَيَشْغَلُ يَمِينَهُ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ ذَرْقُ طَيْرٍ وَلِأَنَّهُ نَحْوُ عَاجٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ بِتَفْصِيلِهِ السَّابِقِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ مَسَّتْ يَدُهُ ذَلِكَ أَبْطَلَ مُطْلَقًا وَإِلَّا، فَإِنْ قَبَضَهُ بِهَا وَانْجَرَّ بِجَرِّهِ أَبْطَلَ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ لَمْ يَشْغَلْهَا بِهِ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى أَوْ أَرْسَلَهُمَا إنْ أَمِنَ الْعَبَثَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (وَ) أَنْ (يَكُونَ جُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ (نَحْوَ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ) تَقْرِيبًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَيَشْتَغِلُ فِيهِ بِالْقِرَاءَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ بِذَلِكَ وَالْأَفْضَلُ سُورَةُ الْإِخْلَاصِ، وَلَوْ طَوَّلَ هَذَا الْجُلُوسَ بِحَيْثُ انْقَطَعَتْ بِهِ الْمُوَالَاةُ بَطَلَتْ خُطْبَتُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُوَالَاةَ بَيْنَهُمَا شَرْطٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَوَّلَ بَعْضَ الْأَرْكَانِ بِمُنَاسِبٍ لَهُ (وَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَبَادَرَ الْإِمَامُ) نَدْبًا (لِيَبْلُغَ الْمِحْرَابَ مَعَ فَرَاغِهِ) تَحْقِيقًا لِلْمُوَالَاةِ.